من نشأت ظاظا عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكُردي – سوريا
في ٥ تشرين الأول/ اكتوبر شاركت في اجتماع للحزب الديمقراطي الكُردي – سوريا بمدينة ديريك (بالعربية: الـمالكية). وحضره أيضاً عدد من أعضاء اللجنة المركزية وأعضاء آخرون من المكتب السياسي.
أثناء الإجتماع تلقينا اتصالاً هاتفياً من أحد الزملاء أخبرنا فيه أنّ دورية مسلحة تابعة للـ (پ ي د) تراقب اجتماعنا منذ قرابة الساعة والنصف. اختتمنا لقاءنا بعدها بقليل. وبناءً على تحذيره لنا كنا ندرك ما سيواجهنا عند مغادرة المكان. توجهنا بسياراتنا مبتعدين عن المبنى وعلى بُعد خمسمئة متر واجهتنا سيارة بيك آب بيضاء اللون وباص صغير لنقل الأشخاص ابيض اللون زجاج نوافذه مُضللة. ترجَل منهما عدة رجال مقنَّعون ويرتدون الزي الرسمي للـ پ ي د. أمرنا هؤلاء بالنزول من السيارات وتسليم هواتفنا النقالة وبطاقاتنا الشخصية، ليبدأوا بعد ذلك بتفتيش سياراتنا وهم يُجرون في نفس الوقت اتصالاتٍ هاتفية. بعد التفتيش سألني احدهم: „ نشأت، اين جـوّالك؟“ أجَبت: „لـم أعد أذكر! ربما نسيته في البيت أو عند أصدقائي“ ولأني خبّأت هاتفي قبل التفتيش لم يستطيعوا العثور عليه. .
ثم أجبرونا على الصعود في الباص الصغير. وهناك قاموا بتصويرنا صورة جماعية . قال أحد عناصر الـ پ ي د بشكل استهزائي: „صورة تذكارية!“ فقط السيدتان اللتان كانتا معنا بقيتا في سياراتنا فلم تظهرا معنا في الصورة. أعاد لي أخيراً أحد الـمُقنَّعين بطاقتي الشخصية قائلاً: „يمكنك الذهاب مع السيدتين ولكن لا تعود مرة أخرى الى ديريك!“ ركِبت السيارة وقدتها بطيئاً باتجاه ديربسّي (بالعربية: الدّرباسية). قمت اولاً بإيصال إحدى الزميلتين لمنزلها. وتبعني زميل وزميلة لي في سيارة أخرى تحسباً لأي طارئ. فحدث بعد ذلك تماماً ما كنّا نخشاه.
بعد خروجنا من ديريك بفترة وجيزة كانت تنتطرنا من جديد دورية مسلحة طلب منا أفرادها إظهار البطاقات الشخصية. فقال لهم رفيقي في الحزب الذي كان يقود السيارة الثانية أننا أظهرناها قبل قليل لدورية أخرى. فقاموا على إثرها بالاتصال للتأكد من هذه المعلومة، ثم سمحو له بالمغادرة. اما انا فأنزلوني من السيارة طالبين مني تسليمهم الهاتف النّـقال. قلت „الهاتف ليس معي!“. فراح أربعة شبّان يفتشوني ويفتشون سيارتي. من ثم اخذوني إلى باص صغير. وقبل ركوبي أَلبَسوني كيساً حول رأسي فلم أعرف الى أين يتجهون بي. وفي الطريق أخذوا يطرحون الأسئلة حول اجتماعنا. أجبتهم أنّ ذلك لم يكن اجتماعاً رسمياً بل كانت زيارة لزميل في الحزب للإطمئنان عليه بسبب تعرضه لحادث سير. فقال أحدهم: „أنت تكذب! فالزيارة لا تستغرق أكثر من ساعة!“ أجبته أننا تحدثنا في الشأن السّياسي العام في سوريا، تركيا، روسيا، حول النظام،والمليشيات. قال: „أنت تكذب!“ وضربني على وجهي. وأضاف: „أصغي لي جيداً! نحن نعرف نشاطاتك. فلا نسمح لك بالدخول إلى ديريك. ولن تفهم هذا الشي إلّا بالقتل“. حدث ذلك كله والسيارة تمضي في طريقها. ثم أردف مسلح آخر من الــ پ ي د قائلاً „أنت تتحدث عبر وسائل الإعلام بشكل سلبي وتذكـر الشُّهداء بسوء!“ قلت: „لم أَتحدَّث بشكل سلبي عن الشهداء وأتحدّاك أنْ تُـثبت ذلك!“ فقام بضربي مرة أخرى على وجهي وظلَّ ينتهرني حتى توقفت العربة.
لم أستطع تحديد المكان ولم أعرف أين انا. أجبروني على النزول من السيارة. ولَقَّم أحد الخاطفين مسدسَه قائلاً: „لنْ تفهم إلّا بمـقـتَلِك!“ ثم قادني مسافة عشرة امتار وأَمَرَ واحداً منهم بنزع الكيس عن راسي. بعدها أمَرَني: „اركبْ السيارة!“ كنتُ واقفاً بجانب سيارتي الخاصة. أعاد لي المفتاح والبطاقة الشخصية قائلاً: „إن وجدناك مرةً أخرى في ديريك فأنت تعرف كيف ستكون النتيجة. اذهبْ الآن!“.